Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

RTL

RTL

Add

اعلان


 

الاخبار

latest

اعلان


 

الحرب العقلية والبلادة السياسية

*الحرب العقلية والبلادة السياسية:* ✍️بقلم الدكتور/عبدالرحمن عبدالله صالح باعباد الغد الجنوبي / خاص مرت البشرية بأربع...

*الحرب العقلية والبلادة السياسية:*

✍️بقلم الدكتور/عبدالرحمن عبدالله صالح باعباد
الغد الجنوبي / خاص

مرت البشرية بأربعة أجيال من الحروب وفقا لتصنيف بعض المفكرين، الثلاثة الأجيال الأولى منها كانت تعتمد على قوة الرجل وما يمتلك من سلاح، وقوة ونوعية الأسلحة النارية، والعامل المشترك بين هذه الأجيال الثلاثة من الحروب إنها تستهدف القطاع العسكري لينهار فتسيطر على القطاع المدني. 
أما الحرب الحديثة أو ما يسمى حرب الجيل الرابع فتعتمد على الجيوش الإلكترونية من خلال المواقع  وصفحات  التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، وعلى عكس الأجيال الثلاثة السابقة فإن هذه الحرب تستهدف القطاع المدني بالعمليات النفسية لتجعل المجتمع تحت ضغط عصبي مستمر ليصل إلى نفس النتيجة الانهيار ثم السيطرة. 
هذه الجيوش تستهدف عقلك لتضرب نظامك القيمي، تلعب على وتر المعاناة، وتستفز المجتمع بأعمق المشاعر ألما (الحرمان)، من خلال تهييج العواطف ودغدغة المشاعر، تتباكى على الفقراء بينما تمتص دمائهم، تجعلك تعتقد أنها احرص منك على مصالحك، تجعلك لا تعرف من المسؤول الأول عن معاناتك لتحاربه، ومن الذي يقف في صفك لتنصره؟ من الذي يقول الحقيقة ومن الذي يكذب؟ حرب لا تعرف من يقودها ومن يتحكم بمسارها ومن يتلاعب بنتائجها؟ إنها حرب استخباراتية تستخدم الجيوش الإلكترونية لتنفيذ استراتيجيات الفوضى الخلاقة، ومن ثم تحقيق غايات الجيل الرابع من الحروب المتمثلة في الإسقاط والتدمير ثم التحكم.
لديها قاعدة بيانات متكاملة عن نقاط الخلاف السياسي والمذهبي والطائفي، وتعرف متى تثيرها لتضرب المجتمع بعضه ببعض، وتعرف كيف تدفعك إلى إحدى طريقين مسدودين إما الخروج لإحراق الشارع، أو أن تحارب نفسك بنفسك، أي تقسيم المجتمع إلى فرقاء يحاربون بعضهم البعض بالشكل الذي يؤدي إلى إسقاط الأنظمة العربية وتدمير جيوشها، وبالتالي تقوم القوى الخارجية في إعادة تشكيل المشهد بما يحقق مصالحها، هذه الحرب لا تكلف الكثير من الخسائر المادية والبشرية، أنها تعمل فقط بقاعدة اعطني إعلاما بلا ضمير أعطيك شعبا بلا وعي. 
وقد ساعد على تحقيق نجاحات الجيل الرابع من الحروب البلادة السياسية والغباء الاستراتيجي لدى القادة العرب والتي تتجلى ملامحها من خلال الكثير من الممارسات يأتي في مقدمتها:
- أحادية الرؤية للمشهد والأحداث بالشكل الذي يحجب النظر إلى إيجاد خيارات متعددة ويمنع الحركة المرنة والتفكير في حلول متعددة. 
- تفسير وتأويل كل الأشياء وفقا للاحتياجات الذاتية بعيدا عن العوامل الموضوعية، حيث لا يرى المشهد على حقيقته وكما هو في الواقع، إنما يراه كما يحب هو ان يكون؛ ويرجع ذلك إلى غياب التحليل الاستراتيجي للواقع الذي يعيشه. 
- تجريب المجرب وتكرار تجارب الفشل، وعدم القدرة على ابتكار آليات حديثة قادرة على مواجهة ومجاراة أهدف وأطماع القوى الخارجية، وبالتالي الوقوف عند نقطة معينة من الأحداث وعدم القدرة على تجاوزها، وضعف التعامل مع المتغيرات الحديثة عملا بقاعدة عيش اللحظة. 
- افتقاد مهارات إدارة الأزمات والتي تعد مهارات ضرورية لمن يمارس السياسة على اعتبار أن السياسة هي فن إدارة الأزمات، وبالتالي الوقوع تحت ما يسمى بعملية التحكم الخارجي، أي انتظار أن تأتي الحلول من الخارج.
- تجاهل أراء ونصائح العلماء والمفكرين والخبراء، وعدم سماع المعارضين مما يحرم صاحب القرار من رؤية حقيقة الموقف؛ واعتقاده انه على صواب؛ وبالتالي الانفراد المطلق في القرار الذي تنعكس نتائجه سلبا على الجميع.
- الوقوع في أحضان الاستخبارات الخارجية التي أوهمت بعض القادة العرب أن البعض الأخر من القادة هم أعدائهم الحقيقين، فعملوا بمساعدة المخابرات الأجنبية على تبني ودعم بعض التيارات الفكرية، والجماعات المذهبية والطائفية وتشجيعها على مناهضة حكوماتها وإحداث الفوضة الخلاقة، الأمر الذي ساهم في إسقاط بعض الأنظمة العربية وتدمير جيوشها وتسليم شعوبها لبعض الجماعات الموالية لدول خارجية.
- ضعف مهارة التفكير الاستشرافي المستقبلي الأمر الذي يضع صاحب القرار في قالب بين الماضي والحاضر وهذا الأمر لا يرضاه المجتمع الذي ينشد التغيير والتطور.
هذه البلادة السياسية منحت الجيوش الإلكترونية الفرصة في نشر الفوضى الخلاقة التي أدت إلى الانهيار والسقوط ، ومن ثم تحقيق غايات الجيل الرابع من الحروب أو ما يسمى بالحرب العقلية والمتمثلة في السيطرة والتحكم.
بقلم الكتور/ عبدالرحمن عبدالله صالح باعبَاد

ليست هناك تعليقات