Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

RTL

RTL

Add

اعلان


 

الاخبار

latest

اعلان


 

ملهم ثورة الجنوب الشهيد العميد يسري الحوشبي "أبو عيدروس" .. معجزة القيادية الميدانية وفارس جبهات العزة والكرامة

 ملهم ثورة الجنوب الشهيد العميد يسري الحوشبي "أبو عيدروس" .. معجزة القيادية الميدانية وفارس جبهات العزة والكرامة تقرير / محمد مرشد...

 ملهم ثورة الجنوب الشهيد العميد يسري الحوشبي "أبو عيدروس" .. معجزة القيادية الميدانية وفارس جبهات العزة والكرامة


تقرير / محمد مرشد عقابي:



شهدت منطقة مكيديم بمديرية المسيمير الحواشب محافظة لحج بالعام 1984م، ميلاد واحدا من أندر القيادات الثورية الجنوبية في تاريخ حركات الكفاح المسلح، وتحت ظل كنف دار من الحجر تعلم الكرم والرجولة والنخوة والشهامة وشرب الشجاعة والبسالة والإقدام من حليب الأم الحنون التي أرضعته وطنا مضى يحرق في سبيل الوصول إليه أيامه وسويعات عمره ولحظات حياته.


انخرط القائد الفدائي الملهم "يسري عبيد حازم العمري الحوشبي" في ركب الثورة التحررية الجنوبية مبكرا ووصف حينها بأصغر الشباب الأبطال المنضمين لحركة تقرير المصير الجنوبية "حتم" التي برز نشاطها المناهض للإحتلال في اوآخر تسعينات القرن المنصرم، وكغيره من شباب الجنوب المقاومين الأحرار المناوئين والمناهضين لوجود المحتل والمنضوين في إطار هذا الكيان الثوري، تعرض "أبو عيدروس" للإعتقال والملاحقة والسجن التعسفي في كثير من الأحيان وزج به عدة مرات في السجون السرية لقوات الإحتلال اليمني في لحج وعدن.


ومع انطلاق مسيرة الحراك السلمي الجنوبي، وبدء فعالياته الميدانية مثل القائد "يسري الحوشبي" ورفاق دربه الدرع الواقي للثورة السلمية حيث أسهموا في تأمين المسيرات والفعاليات الثورية التي كانت تتعرض لهجمات واعمال قمع ومطاردة من قبل قوات الإحتلال لاسيما ما كان يعرف بقوات الأمن المركزي، كما كان له دور محوري كبير وبارز في الإعداد والتنظيم والمشاركات في تلك الفعاليات الثورية، وشهدت تلك المرحلة التاريخية قيام القائد الملهم "يسري الحوشبي" بتأسيس أول قوة أمنية جنوبية بقيادته لتنفيذ العديد من المهام الثورية الميدانية في الكثير من المدن والمناطق والمحافظات الجنوبية، ومن هنا لاح نجمه وبرز كمحارب جنوبي جسور ومقدام وشجاع في أوج فترات قوة وسطوة العدو، كما مثلت تلك المحطة نقطة فارقة في حياة جهبذ وطني غيور وقائد فذ ومقدام من الطراز الفريد سار وكاب النجاح مسوراً رأسه الشامخ بالعطاء واجتراح البطولات.


وعندما اجتاحت المليشيات الحوثية مناطق المسيمير الحواشب في العام 2015م، برز الدور الريادي والمحوري والتاريخي المؤثر للقائد يسري الحوشبي، الذي امتشق حينها بندقيته واتضحت رجولته وبانت قوة شخصيته ليقاتل بسلاح الثوار وشكيمة الأحرار، ويظهر محاربا ومتصديا لتلك الجحافل منطلقا من ايمانه التام بعدالة قضيته صوب ميادين المقاومة منفذا العمليات النوعية وزارعا للكمائن العسكرية قاطعا بذلك خطوط الأمداد عن العدو في كرش والدكم وعقان وغيرها من المناطق المحاذية للخط الدولي الرابط تعز بـ عدن، ناهيك عن دوره في فتح جبهات قتال لمشاغلة وارباك العدو والتنكيل به وتكبيده الخسائر الفادحة في العديد والعتاد، وكانت اللحظات الأولى التي خاض فيها "أبو عيدروس" ورفاقه غمار معركة الشرف والبطولة ضد عناصر المليشيات في جبل مشيقر جنوب مدينة المسيمير وهي المعركة التي شكلت اللحظة المفصلية من تاريخ الحياة النضالية والثورية لهذا البطل الصنديد فضلا عن كونها فتحت أبوا الأمل للتحرر والإنعتاق من حقبة الظم والإضطهاد.


وعند تعرض موقع جبل مشيقر الإستراتيجي المطل على معظم مناطق الحواشب بالمسيمير لأكثر من 4 اغارات وعمليات اجتياح نفذتها المليشيات الحوثية مستخدمة مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة في محاولاتها المستميتة لإسقاط أهم حصون ومعاقل المقاومة حينذاك، وفي احدى المعارك العنيفة والدامية والتي دارت راحاها في مواقع هذا الجبل الأشم سقط القائد يسري الحوشبي جريحا لينقل على أثر ذلك وهو وينزف الى احد المشافي عبر طريق فرعي شديد الوعورة لتلقي العلاج، ليعود مبكرا الى جبهة القتال قبل ان يتماثل تمام للشفاء.


وعلى تخوم المسيمير وبالتزامن مع اجتياح عناصر المليشيات للمدينة، قاتل أبو عيدروس قتال الرجل الذي يرى بانه من الواجب الديني والوطني والأخلاقي المقدس مواجهة هذه الجماعة الإرهابية المارقة، واعتبار ذلك دين عليه وعهدا قد قطعته ذات يوم على نفسه، اذ اضحى "أبو عيدروس" بجانب رفيق درب الموقف والقضية والسلاح القائد الشيخ محمد علي الحوشبي حفظه الله ورعاه، يمثلان حائط صد فولاذي منيع لردع ذلك العدوان البربري الغاشم والسافر المتغطرس، ليستطيعا معا وجنبا الى جنب بحنكتهما وخبرتهما من قيادة دفة المعارك وانجاز المهمة وتحقيق النصر وتحرير كل شبر من بلاد الحواشب.


من خلال كفاءته العسكرية، استطاع الملهم يسري عبيد حازم الحوشبي، بناء جهاز عسكري وأمني قوي برفقة القائد الشيخ محمد علي الحوشبي "أبو الخطاب"، حفظه الله ورعاه، تكسرت على جدرانه المشاريع والمخططات التآمرية ووأدت الخلايا النائمة وقطع دابر التهريب وكبح جماح الجريمة الأمر الذي اصاب الأعداء والحاقدين بمقتل، ونتجية لذلك التناغم والإنسجام وبروز نجم أبو عيدروس في هذا المضمار رمى الرئيس القائد عيدروس الزبيدي ثقته في هذا القائد الحوشبي الأصيل والوطني الغيور وقرر تعيينه قائدا للواء العاشر صاعقة عند تأسيسه وترقيته الى رتبة عميد، ليؤدي هذه المسئولية العظيمة بكل جدارة وكفاءة واستحقاق واقتدار وكان أهلا لها وعند مستوى حجمها.


وبعد مشوار طويل من البذل والعطاء والنضال والكفاح والفداء والتضحيات في سبيل الجنوب، كان ختاما مسكا لقائد فذ ومحارب مغوار سطر أروع الملاحم البطولية في حياته الزاخرة بالمناقب والمآثر النضالية الخالدة، ففي التاسع عشر من يونيو 2020م كان العميد يسري الحوشبي "أبو عيدروس" مع موعدا جديدا وختامي لإضفاء فصلا آخر من فصول الفداء والتضحية، لكن هذه المرة كان الفداء من نوع لا يعوض وهو بذل الدم والروح من أجل الوطن، فقد انبرى القائد الحوشبي البطل وأفراده للتصدي للجماعات الإرهابية التي حاولت غزو العاصمة عدن من ناحية منطقة الشيخ سالم في شقرة بمحافظة أبين، حيث واجه القائد الفدائي المغوار يسري الحوشبي وأفراده تلك المليشيات الغازية في معركة بطولية استمرت لساعات واستطاعوا تحرير الكثير من المواقع والتباب التي كانت خاضعة لسيطرة تلك الجماعات المسلحة، وقاد مجريات المعركة منذ بدايتها مقتحما ثكنات العدو ليعكس بذلك تفاني واخلاص ووفاء وولاء القيادة الوطنية الغيورة وتقدمها للصفوف، ليسقط على أثر هذه المعركة وهو يؤدي واجبه العسكري المقدس في ميدان الشرف والبطولة وهو يدافع عن حياض الوطن وعن عزة وكرامة الشعب جريحا قبل ان يعلن استشهاده متأثرا بتلك الإصابة في الرابع من شهر يوليو عام 2020 للميلاد.


امتلك الشهيد القائد يسري عبيد حازم الحوشبي، إرادة الأبطال، وبنهايته طويت صفحة مليئة بالتضحيات والبطولات والمنجزات لأحد أهم قادة الصف الأول في الجنوب ممن اخلصوا لهذا الوطن وسطروا أعظم الملاحم البطولية وتمسكوا بكل ثبات بالمواقف والقيم الثورية الجنوبية وعاشوا وماتوا عليها، ذلك الرجل الذي جسد في تعاملاته أنبل قيم ومبادئ الإنسانية والأخلاقية، وبرحيله خسر الجنوب قائدا فذا غيورا ومقاتلا مقداما وعسكريا مغوارا ووطنيا ثائرا ومحاربا فدائيا صلبا قل نظيره.


الشهيد القائد يسري عبيد حازم الحوشبي، قصة فداء أضرمت نيران الحرية وأشعلت فتيلها في نفوس النشامى الأحرار، قصة يحملها اليوم نجله "عيدروس" ذلك الشبل المتلقح بهرمونات الشجاعة والإقدام التي ورثها من والده ليواصل الدرب من حيث أنتهى والده، ايها الشبل انت من يحق له ان يصنع المجد وينال لقب البطولة وان يعيد كتابة التاريخ من جديد، لقد أرتقى القائد يسري الى مصاف الخالدين، لكنه ترك لنا إرثا متخلد يتجسد في شبله القادم "عيدروس" الذي سيحمل دون شك رآية القيادة ولواء البطولة وسيعوض وطننا الخسارة التي حلت به جراء فقدان والده يرحمه الله ويسكنه فسيح جناته.


الشبل "عيدروس يسري" هو البرعم الذي زرعه لنا الشهيد يسري قبل الرحيل عن دنيانا الفانية، هذا الشبل الواعد من يستطيع إعادة الإعتبار لمكانة والده ولرقم ثورة الجنوب الذي سقط وللنور التحرري الذي خبأ واختفى عن الأنظار وتوارى الى حيث لارجعة، تتلخص في شخصية الشبل "عيدروس" المثالية كل معاني العزة والكرامة والنخوة والشموخ والأنفة والعظمة والكبرياء، نعم انها نفس الصفات التي تحلى بها والده وهي سجايا الرجال الكبار والعظماء فلا غرابة ان تتجسد في طفل صغير لم يتجاوز الرابعة من العمر، فـ عيدروس هو القادر فقط على صياغة وهج الروائيات الحيدرية التي سطرها الشهيد القائد خلال حياته، ففي ملامحه البريئة تبرز سمات (يسري الحوشبي) القائد والمحارب، ورغم صغر سنه تلتهب في مجاري دمائه روح الإنتماء الثورية الوثابة للوطن، ونستشرف من وجناته عبق وعنفوان الشجاعة والإقدام، فانت ايها العيدروس  خير سفير لقائدنا الشهيد في هذه الدنيا، وانت من نعقد عليه الآمال ونستوحي من ملامحه شخصية قيادية عظيمة وفذة قادمة تعوضنا عن فداحة الخسارة التي اوجعتنا برحيلة فارس الفرسان والده الشهيد القائد يسري عبيد الحوشبي طيب الله ثراه وانزله منازل الشهداء والصديقين وحسن اولئك رفيقا.

ليست هناك تعليقات