الغد الجنوبي / عدن . يقف المجلس الانتقالي الجنوبي عند مفترق طرق حاسمة في مسيرته نحو تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي. وقد أبرز انسحاب الرئيس القائ...
الغد الجنوبي / عدن .
يقف المجلس الانتقالي الجنوبي عند مفترق طرق حاسمة في مسيرته نحو تحقيق تطلعات الشعب الجنوبي. وقد أبرز انسحاب الرئيس القائد عيدروس الزبيدي من اجتماع الرياض خطوة ضرورية ، مؤكداً الحاجة الملحة إلى نهج جديد في الحكم والقيادة في ظل الفشل العميق للحكومة. هذه اللحظة تتطلب تأملات داخلية وابتكاراً والتزاماً راسخاً بالقضية الجنوبية.
لقد كانت الشراكة بين القيادة الجنوبية ومجلس القيادة شراكة صورية منذ البداية. وعلى الرغم من الآمال الأولية في التعاون، فشلت الحكومة بشكل مستمر في تلبية الاحتياجات الملحة للشعب الجنوبي. بدلاً من الوفاء بوعودها بتحسين الظروف المعيشية وتوفير الخدمات الأساسية، استمرت في تعزيز الفساد وسوء الإدارة والإهمال والمؤامرة على قضية شعب الجنوب الذي أحتضنهم بعد فرارهم من أرضهم. لقد تدهورت البنية التحتية الجنوبية، التي كانت بالفعل ضعيفة ولولا جهود القيادات الجنوبية في بناءها بعد الحرب، لأصبحت أسوأ من ذي قبل في ظل تلاعب وإبتزاز وفساد حكومة العليمي، مما ترك المواطنين يواجهون ظروفاً اقتصادية ومعيشية صعبة.
انسحاب الرئيس القائد الزبيدي من اجتماع الرياض خطوة حاسمة وضرورية. وأرسل رسالة واضحة تعبر عن معاناة شعبه بشكل مباشر: لن يتحمل الشعب الجنوبي بعد الآن الوعود الفارغة أو الالتزامات غير الجادة. ويعكس قرار المجلس الانتقالي الجنوبي بتعليق شراكته مع الحكومة الشمالية إدراكاً متزايداً بأن الترتيب الحالي غير قابل للاستمرار ويعيق القضية الجنوبية. بل هي شراكة ظالمة من أساسها.
وكما يقول المثل، أن تأتي خير من أن لا تأتي. دور فريق التواصل والوعي السياسي، جاء في وقت يستوجب التحرك، ورداً على الفجوة المتزايدة بين المجلس الانتقالي الجنوبي وشعبه، الذي توسعت بسبب مؤامرات هذه القوى الشمالية. قام فريق التواصل والوعي السياسي بسلسلة من الزيارات عبر محافظات الجنوب. تهدف هذه الجهود إلى إعادة التواصل مع الشعب، والاستماع إلى شكاواهم، وإعادة بناء الثقة. مهمة الفريق ليست رمزية فحسب؛ بل تمثل تحولاً ملموساً نحو مزيد من المساءلة والشمولية. خاصة وان الشعب الجنوبي قد تحمل سنوات من المعاناة، وصبره على وشك النفاد. شعب الجنوب يستحق أكثر من الخطابات الرنانة، تحركات مجلس القيادة هي في الحقيقة (قربعة في تنك). يمثل التزام المجلس الانتقالي الجنوبي ونزولات فريق التواصل وتعزيز الوعي السياسي لمعالجة مخاوف وإحتياجات شعب الجنوب وتنفيذ حلول عملية خطوة في الاتجاه الصحيح. من خلال التفاعل المباشر مع المجتمعات في الجنوب، المجلس الانتقالي الجنوبي حتماً فهم احتياجاتهم بشكل أفضل والعمل نحو تحقيق تغيير ذي معنى ويلبي تطلعاتهم المشروعة. إضف اليها الجهود الدبلوماسية للرئيس الزبيدي والتي تمثل أهمية كبيرة في رفع القضية الجنوبية على الساحة العالمية. كانت خطابته أمام مجلس الأمن الدولي لحظة تاريخية، أكدت على شرعية النضال الجنوبي وحققت اعترافاً دولياً. هذه الجهود ليست مجرد كسب دعم؛ بل هي تأكيد على حق الشعب الجنوبي في تقرير المصير والعدالة كحق لا يسقط بالتقادم.
يجب أن تستمر الاستراتيجية الدبلوماسية الخارجية وتصحيح الوضع الداخلي والتأكيد على أهمية القضية الجنوبية في تحقيق الاستقرار الإقليمي. وسيكون التزام المجلس الانتقالي الجنوبي بالشفافية والمساءلة والحكم الرشيد أمر ضروري لتجنب المزالق التي عانت منها دول أخرى والتي أصبحت ساحة لتدخلات دولية أثارت المزيد من الصراعات بدلاً من دعم الإستقرار، ومن خلال إعطاء الأولوية لاحتياجات الشعب الجنوبي الصابر وتعزيز ثقافة الشمولية، يمكن للمجلس الانتقالي الجنوبي بناء أساس لدولة جنوبية مستقرة ومزدهرة، والتي نادى بها شعب الجنوب منذ إحتلاله في حرب 94.
لقد عانى الشعب الجنوبي بشكل كبير خلال سنوات من الاحتلال والفساد والتآمر والإبتزاز والتلاعب والخذلان. ولكن سياسات القوى الشمالية الخبيثة، ولدت نضال مستمر تكلل بنجاحات على الارض، بجانب تفويض المجلس الانتقالي الجنوبي بإجماع شعبي جنوبي خالص. الشعب الجنوبي تحمل الكثير وصبر أملاً في أن يحصل على الدعم العادل لتطلعاته، لكن ما حصل هو فرض حكومة لم تعر الشعب أي إهتمام، بل تآمرت عليه وحاربته إقتصادياً وسياسياً وإجتماعياً. ولعل تحركات المجلس الإنتقالي في تصحيح ما أفسدته سياسات قوى الشمال في حكومة المناصفة هو إستجابة لمطالب شعب بأكمله، ويجب أن تلبى بشكل فوري وعاجل وملموس، ولكن الملاحظ أن هذا لن يحصل فقد مرت 10 سنوات والحكومة من فشل الى فشل أسوأ، وكل ما تقدمه هو تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع.
قضية شعب الجنوب لتحقيق العدالة التاريخية ليست مجرد شعار؛ بل هي تكريم لتضحيات أولئك الذين بذلوا أرواحهم من أجلها، بدءاً من تحرير الضالع، ولحج والعاصمة عدن، وأبين بالإضافة الى شبوة التي تحررت بفضل الله ثم بطولات القوات الجنوبية ممثلة بآلوية العمالقة الجنوبية وقوات دفاع شبوة، وبدلاً من الإعتراف بهذه التضحيات، يتم فرض حكومة عُرفت بعدائها لشعب الجنوب، وعملت على إثارة الفتن والإنقسامات، خاصة في حضرموت والمهرة وبدعم خارجي، متبعة سياسة السيطرة والتآمر على التنمية والبناء. الم يكفيهم ما دمرته ونهبته إيادي نخبهم وأحزابهم في حرب 94 والغزو الحوثي العفاشي في 2015، ثم يُؤتى بنفس هذه الشخصيات لمقاسمة الجنوبيين في أرضهم، وبالرغم من المرونة التي أظهرها شعب الجنوب ممثلاً بقيادته من خلال إحتضانهم في أرض الجنوب، إستمروا بنفس السياسة الخبيثة.
لكن، عام 2025 حتماً يشكل لحظة محورية للقضية الجنوبية. إنه يمثل فرصة لإعادة تعريف السرد الجنوبي، وتعزيز المؤسسات، ورسم مسار نحو الاستقلال. يجب على المجلس الانتقالي الجنوبي اغتنام هذه اللحظة من خلال إعطاء الأولوية لاحتياجات شعبه الذي يتعرض للتجويع والخذلان والحصار، تحمل فيها 3 عقود من المعاناة، لكن صموده وإصراره يبقيان غير قابلين للكسر. ولابد للقيادة الجنوبية التي فوضها شعب الجنوب ان تتخذ الخطوات الجريئة، والعمل بشكل فعلي، من أجل تحقيق هدف شعب الجنوب بالاستقلال الناجز.
لقد حان وقت العمل. القضية الجنوبية ليست مجرد صراع سياسي بل هي كفاح من أجل الكرامة والعدالة والحرية. وبتضافر جهود كلاً من الشعب والقيادة الجنوبية حتماً سيتجاوز شعب الجنوب كل العراقيل والعقبات في طريق تحقيق الاستقلال الذي يستحقه شعب الجنوب بجدارة.
ليست هناك تعليقات