الغد الجنوبي تقرير عبدالسلام السييلي منذ بداية الوحدة المشؤمة في عام 1990، أصبحت قوى صنعاء، التي تمثلت في النظام السياسي والعسكري بقيادة ا...
الغد الجنوبي
تقرير عبدالسلام السييلي
منذ بداية الوحدة المشؤمة في عام 1990، أصبحت قوى صنعاء، التي تمثلت في النظام السياسي والعسكري بقيادة المخلوع علي عبد الله صالح، الطرف الرئيسي المسيطر على موارد البلاد، وعلى رأسها النفط. وبفضل موقعها الاستراتيجي وثرواتها الضخمة، كانت محافظتا حضرموت وشبوة في قلب هذه السيطرة. بدلًا من أن تُسهم هذه الثروات في تنمية المناطق المنتجة، أصبحت هدفًا للنهب والاستغلال عبر سياسات مركزية افتقدت للشفافية والعدالة. هنا سنسلط الضوء على دور قوى صنعاء في نهب نفط حضرموت وشبوة، والنتائج المدمرة التي خلفتها سياساتهم.
- مع اكتشاف النفط في شبوة و حضرموت في الثمانينيات، أصبح النفط العمود الفقري للاقتصاد بعد الوحدة المشؤومة.
- قوى صنعاء، بقيادة المخلوع علي عبد الله صالح، أدركت منذ البداية أهمية السيطرة الكاملة على موارد النفط كوسيلة لتعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي.
- في التسعينيات، تمركز إنتاج النفط في حقول حضرموت (المسيلة) وشبوة (عياد وجنة)، حيث كان الإنتاج يشكل حوالي 70% من إيرادات الدولة و90% من صادراتها.
- بعد الوحدة المشؤمة، تم دمج موارد الجنوب تحت إدارة نظام صنعاء، حيث سيطرت الحكومة المركزية على جميع عمليات استخراج وتصدير النفط، مع تهميش كامل للمحافظات المنتجة.
- في ظل نظام عفاش، تم توقيع عقود منح امتيازات نفطية لشركات أجنبية مثل شركة "هنت أويل" الأمريكية و"توتال" الفرنسية، دون أي شفافية أو إشراك للمجتمعات المحلية.
كيف قامت قوى صنعاء بنهب النفط؟
1. العقود المشبوهة مع الشركات الأجنبية:
- اعتمد نظام صنعاء على توقيع عقود مع شركات نفطية أجنبية بشروط غير عادلة. في معظم الحالات، كانت هذه العقود تمنح الشركات نسبة كبيرة من الأرباح مقابل نسبة ضئيلة للدولة، مع غياب الرقابة أو الإفصاح.
- على سبيل المثال، أفادت تقارير بأن الحكومة اليمنية خسرت مئات الملايين من الدولارات سنويًا بسبب الشروط غير المتوازنة التي أبرمتها مع شركة "هنت أويل".
2. الاستحواذ على العائدات النفطية:
- رغم أن حضرموت وشبوة كانتا تنتجان أكثر من 80% من النفط بالبلاد، إلا أن نصيب هذه المحافظات من العائدات كان شبه معدوم.
- تشير تقارير مستقلة إلى أن عائدات النفط التي بلغت في ذروتها أكثر من 3 مليارات دولار سنويًا، كانت تُحول بشكل مباشر إلى حسابات مركزية في صنعاء، حيث يتم إنفاقها على تمويل النظام الحاكم وشبكاته القبلية والعسكرية.
3. فساد النخب السياسية والعسكرية:
- خلال فترة حكم صالح، تم تحويل جزء كبير من عائدات النفط إلى حسابات خاصة بالنخب السياسية والعسكرية المقربة من النظام.
- في عام 2010، كشف تقرير للبنك الدولي أن مليارات من الدولار من عائدات النفط لم يتم إدراجها في الميزانية العامة للدولة، مما يشير إلى حجم الفساد والنهب المنظم.
4. تهميش حضرموت وشبوة تنمويًا
- رغم الثروة النفطية الهائلة، لم تُنفذ أي مشاريع تنموية كبيرة في حضرموت وشبوة خلال فترة سيطرة صنعاء. على سبيل المثال:
- لم يتم استيعاب أبناء حضرموت وشبوة في المنشآت النفطية.
- لم يتم بناء بنية تحتية كافية لتوفير خدمات أساسية مثل الكهرباء والمياه.
- تم تجاهل مطالب أبناء حضرموت وشبوة بتخصيص جزء من العائدات لصالح التعليم والصحة .
5. بعد 2011: استمرار السيطرة بطرق جديدة
- مع سقوط نظام عفاش في 2011، لم تتغير سياسات صنعاء بشكل كبير. حيث استمرت القوى الجديدة التي هيمنت على صنعاء، بما في ذلك الحوثيون بعد 2014، في استغلال النفط بنفس الأساليب.
- مليشيات الحوثي التي سيطرت على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، استخدمت وزارة النفط كأداة لتمويل عملياتها العسكرية، بما في ذلك استغلال النفط المنتج من المناطق الجنوبية.
- مازالت مليشيات الحوثي تعمل جاهدة للوصول إلى منابع النفط في حضرموت وشبوة رغم انكسارها مرتين أمام المقاومة الجنوبية ورغم تكبدتها خسائر فادحة، فهي تجد في نفط شبوة وحضرموت مصدر قوي لتمويل عملياتها بالأضافة إلى حصولها على طريق بحري للتهريب والاتجار بالممنوعات.
- بعد كسرها وعدم تمكينها لجأت مليشيات الحوثي إلى منع تصدير النفط من ميناء الضبة وعمدت إلى استهداف الميناء بالصواريخ البالستية.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي لنُهب النفط:
تدهور الأوضاع في حضرموت وشبوة
رغم أن حضرموت وشبوة تنتجان الجزء الأكبر من النفط اليمني، فإنهما تعانيان من:
- ارتفاع معدلات الفقر: يعيش أكثر من 60% من السكان تحت خط الفقر، رغم الثروة النفطية.
- لا توجد مشاريع تنموية كبيرة أو خدمات أساسية تعكس حجم الموارد المستخرجة.
- أدى التهميش المستمر إلى تصاعد الاحتجاجات الشعبية في حضرموت وشبوة، حيث يطالب السكان بحقهم في إدارة مواردهم.
- منذ عام 2007 ومع انطلاق الحراك الجنوبي ألتحق أبناء حضرموت بباقي محافظات الجنوب للمطالبة بأستعادة.دولة الجنوب ، كما شجع المجلس الانتقالي الجنوبي أبناء حضرموت ليكونوا أقليم في دولة الجنوب الفدرالية ، كما أرتفعت الاصوات المطالبة بتحميل قوى صنعاء مسؤولية النهب والتهميش للمحافظة وأبناءها.
- أدى فساد قوى صنعاء إلى تآكل الثقة بين الحكومة المركزية والمواطنين وخاصة أبناء المناطق النفطية الذي من المفروض أن يحضوا بأمتيازات خاصة، مما ساهم في تعميق الانقسامات الإقليمية داخل البلاد.
حتى عام ٢٠٢٥، ما زالت حضرموت وشبوة تواجه تحديات كبيرة بسبب إرث النهب الذي رسخته قوى صنعاء. تشير التقارير إلى أن النفط ما زال يُهرب من هذه المناطق عبر موانئ حضرموت (مثل ميناء الضبة)، حيث يتم تصديره بشكل غير قانوني، دون أن تستفيد الدولة أو السكان المحليون من العائدات.
كما كشف اللواء فرج سالمين البحسني قبل أيام قليلة عن وجود أنبوب مخفي لسرقة النفط الخام من براميل الضبة ووجود منشأة نفطية بدائية لتكرير النفط في منطقة الريان.
الواجب اليوم على الجميع العمل بما يلي :
١- تحقيق العدالة في توزيع العائدات:
- منح المحافظات المنتجة نسبة عادلة من عائدات النفط للاستثمار في التنمية المحلية.
٢- تعزيز الشفافية والمساءلة:
- نشر تقارير دورية عن إنتاج وعائدات النفط، وتشكيل لجان تحقيق مستقلة لمحاسبة المتورطين في عمليات النهب.
٣- دعم التنمية المستدامة:
- استثمار عائدات النفط في مشاريع تعليمية وصحية وبنية تحتية لتحسين حياة السكان المحليين.
إن نهب قوى صنعاء لنفط حضرموت وشبوة يمثل جريمة اقتصادية وسياسية بحق الجنوب وشعبه والأجيال المقبلة . لقد أدت هذه السياسات إلى استنزاف الثروات الوطنية وتدمير فرص التنمية، مما جعل هذه المحافظات الغنية بالموارد تعاني من الفقر والتهميش. اليوم، يستحق سكان حضرموت وشبوة إدارة مواردهم بشكل عادل ومستقل، مع محاسبة جميع الأطراف التي تورطت في النهب المنظم لهذه الثروات وحرمان أبناءها منها.
ليست هناك تعليقات