الغد الجنوبي في مشاهد لا تختلف كثيراً عن تلك التي حفظها التاريخ عن أهل الكويت، يجسدون معنى الأخوة والعطاء في كل محنة، ها هي "بصمة صف...
الغد الجنوبي
في مشاهد لا تختلف كثيراً عن تلك التي حفظها التاريخ عن أهل الكويت، يجسدون معنى الأخوة والعطاء في كل محنة، ها هي "بصمة صفاء" تصل مرة أخرى، ولكن هذه المرة إلى أخواتها وأبنائها في محافظة عدن، التي أنهكتها سيول جارفة كشفت مرارة الواقع وقسوته.
لم تنتظر مؤسسة "بصمة صفاء" - التي تضم مجموعة من فاعلي الخير في الكويت - التقارير الإعلامية أو نداءات الاستغاثة الرسمية لتجفيف دموعها، بل سبقتها قلوب محبة عابرة للحدود والقارات، لترسم لوحة إنسانية تزيح غبار الكارثة عن وجوه الأهالي. ولم تكن توزيع 75 سلة غذائية ومبالغ مالية مجرد عملية إغاثة تقليدية للمتضررين في منطقة الحسوة، بل كان رسالة إنسانية مفادها "أنتم لستم وحدكم". في وقت تشتد فيه الحاجة إلى يد تمتد بالخير، جاءت هذه البصمة لتذكرنا بأن الإنسانية لا تعرف حدوداً، وأن الأخوة العربية ليست شعارات ترفع في المناسبات، بل هي فعل حقيقي يلامس جراح المنكوبين.
وعن تاريخ العلاقات بين عدن ودولة الكويت الشقيقة فلطالما ارتبط اسم الكويت بعطائها الذي لا ينضب، وها هي "بصمة صفاء" تثبت مرة أخرى أن العطاء ليس مجرد رد فعل، بل هو ثقافة وسلوك متجذر في الضمير الكويتي. هذه البصمة لم تأتِ من فراغ، بل هي امتداد لمسيرة عطاء طويلة، تؤكد أن الكويت تظل دوماً في مقدمة الصفوف عندما يتعلق الأمر بمد يد العون للشقيق والأخ.
وها هي دولة الكويت تأتي في خضم الدمار الذي خلفته السيول، وتظهر مثل هذه المبادرات كنبض أمل يبعث الحياة من جديد. فالقيمة الحقيقية لتلك السلل الغذائية والمبالغ المالية لا تكمن في قيمتها المادية فحسب، بل في قيمتها المعنوية التي تقول لأهل عدن: "إن العالم لم ينسكم، وهناك من يشارككم آلامكم ويسعى لتخفيفها".
وختاما
فإن ما قامت به مؤسسة "بصمة صفاء" ليس مجرد عمل خيري عابر، بل هو تأكيد على أن روح الخير والإنسانية ما زالت تقاوم ظروفاً استثنائية. إنها دعوة لكل القادرين ليكونوا جزءاً من هذا العطاء، وأن لا تدعوا الكوارث تسبق قلوبكم، فبصمة واحدة قد تترك أثراً يبقى طويلاً بعد أن تزول آثار الدمار.
وفي النهاية، تبقى "بصمة صفاء" نموذجاً يُحتذى به، يذكرنا بأن الخير كالنور، يكفي شمعة واحدة لتنير درباً مظلماً. فلتكن هذه البصمة بداية لموجة عطاء تتجاوز كل الحدود، لأن الإنسان لأخيه الإنسان.. وسيبقى.

ليست هناك تعليقات