Page Nav

HIDE

Grid

GRID_STYLE

RTL

RTL

Add

الاخبار

latest

اعلان

اتفاق السلطة المحلية وحلف القبائل في حضرموت: بين شرعنة اقتصاد الظل وتقويض الدولة

  الغد الجنوبي كتب»محمد باقديم  في ظل الانهيار المتواصل لمؤسسات الدولة المركزية في اليمن، برزت في حضرموت اتفاقات غير تقليدية بين مراكز النفو...

 


الغد الجنوبي

كتب»محمد باقديم 



في ظل الانهيار المتواصل لمؤسسات الدولة المركزية في اليمن، برزت في حضرموت اتفاقات غير تقليدية بين مراكز النفوذ المحلية والسلطة، كان أبرزها الاتفاق المثير للجدل بين السلطة المحلية في المحافظة وحلف قبائل حضرموت، الذي تم بموجبه تمرير كميات الديزل المدعوم وبيعها في السوق المحلي بسعر حر، مع تقاسم عائدات فارق السعر بين الطرفين.


رغم غياب النص الرسمي المنشور لهذا الاتفاق، فإن ما تسرب عبر مصادر محلية وإعلامية يكشف عن تحول نوعي في شكل العلاقة بين الدولة والمجتمع: من علاقة قانونية وإدارية إلى علاقة قائمة على التفاهمات القبلية وتقاسم الموارد.


⚖️ أولاً: تجاوز للدولة وبناء شراكة مع كيان قبلي


ينطوي الاتفاق على سابقة خطيرة؛ إذ يشرك كياناً قبلياً غير منتخب في إدارة مورد عام سيادي (المشتقات النفطية المدعومة). هذا يتنافى مع القوانين التي تحتكر للدولة حق التصرف في الموارد العامة، ويعكس تراجع قدرة الدولة على فرض سلطتها، مقابل صعود قوى محلية تمتلك النفوذ الميداني والقبلي.


بهذا المعنى، يصبح الحلف القبلي شريكاً في السلطة لا بحكم الانتخاب أو التمثيل السياسي، بل بحكم الأمر الواقع والقوة على الأرض، ما يشكل نقطة تحول في بنية الحكم المحلي بحضرموت.


💰 ثانياً: تحويل الدعم إلى ريع سياسي واقتصاد ظل


كان الهدف من دعم المشتقات النفطية تخفيف العبء عن المواطنين. لكن الاتفاق حوّل هذا الدعم إلى مصدر ربح للسلطة المحلية والحلف، من خلال بيع الوقود بالسعر الحر وتقاسم الفارق المالي الكبير. عملياً، تم إلغاء الدعم دون إعلان رسمي، وتحويله إلى ريع سياسي–مالي يغذي نفوذ طرفين محددين.


هذا الوضع يخلق سوقاً موازية للمشتقات تحت مظلة تفاهمات قبلية، ويقوّض آليات السوق الرسمية ويزيد من الأعباء المعيشية على المواطنين، الذين يشترون الوقود بأسعار مرتفعة بينما الدعم الأصلي يُعاد توزيعه لصالح نخبة محدودة.


🧠 ثالثاً: تآكل سلطة الدولة وتغوّل مراكز النفوذ


الاتفاق يعكس تراجع الدولة إلى مرتبة "الوسيط الضعيف" بين فاعلين محليين أقوياء. السلطة المحلية، بدل أن تحتكر القرار المالي، اضطرت إلى التفاوض وتقاسم الموارد مع الحلف لتأمين مرور المشتقات. وهذا يعني أن موازين القوى القبلية باتت تتحكم في مفاصل اقتصادية حيوية، في ظل فراغ تشريعي ورقابي.


كما يفتح الاتفاق الباب واسعاً أمام فساد مالي ممنهج، إذ إن الإيرادات الناتجة لا تمر عبر قنوات الموازنة المحلية أو الجهاز المركزي للرقابة، مما يجعلها خارج أي محاسبة أو شفافية.


⚠️ رابعاً: تداعيات سياسية واجتماعية خطيرة


من الناحية الاجتماعية، يرسخ الاتفاق امتيازات لمكون قبلي واحد على حساب مكونات أخرى، ما قد يولد توترات داخلية أو صراعات نفوذ مستقبلية. أما سياسياً، فهو يخلق تحالفاً هشّاً بين السلطة والحلف يقوم على المصلحة المالية وليس على مشروع حكم محلي منظم، وبالتالي قد ينهار مع أي تغيير في موازين القوى أو تدفق الموارد.


📝 خلاصة: تقنين الفوضى بدل ضبطها


الاتفاق بين السلطة المحلية وحلف القبائل ليس مجرد تفاهم اقتصادي، بل هو تعبير عن لحظة انتقال خطيرة في حضرموت: من الدولة إلى “الكيانات المتشاركة” في السيطرة على الموارد. وهو يشرعن اقتصاد الظل ويقوّض قواعد الشفافية والمساءلة، ويكرّس مراكز نفوذ موازية للدولة.


إذا لم يُعالج هذا المسار من خلال أدوات قانونية ورقابية واضحة، فإنه قد يفتح الباب أمام نموذج “المحاصصة الريعية” بين القوى المحلية، على حساب المجتمع والدولة معاً.


ليست هناك تعليقات